استكمالاً لدورها المحوري في إثراء المعرفة القانونية وتعزيز الوعي التشريعي، نظّمت الأمانة العامة لـ "اللجنة العليا للتشريعات في إمارة دبي" مؤخراً ورشة تثقيفية بعنوان "شرعية الجزاء التأديبي"، وذلك بمشاركة واسعة من 62 جهة حكومية محلية. وتمحورت الورشة، التي قدَّمها الدكتور يحيى عبد الله العدوان مستشار قانوني في المكتب الفني في الأمانة العامة لـ "اللجنة العليا للتشريعات"، حول مناقشة أهمية الجزاء التأديبي في مجال الوظيفة العامة باعتباره وسيلة مهمة من وسائل إصلاح وتقويم سلوك الموظفين العامين وأداة فاعلة تستخدمها جهة الإدارة لمواجهة أي انتهاك للقواعد القانونية السارية في مجتمع الوظيفة العامة، وذلك بهدف حماية النظام الوظيفي وتحقيق حسن سير العمل وانتظامه في المرافق العامة.
وتكمن أهمية هذه الورشة في كونها تتمحور حول التعريف بالمسؤولية التأديبية للموظف العام، والتي تعتبر ضمانة مهمة لصون واحترام الوظيفة العامة، من خلال مجازاة الموظف عن أي إخلال بواجباته ومسؤولياته الوظيفية وتقويم سلوكه الوظيفي بما يتوافق مع الأحكام والقواعد القانونية التي تهدف إلى حماية الوظيفة العامة من ناحية، وتحول دون تعسف جهة الإدارة في استعمال سلطتها التأديبية في مواجهة الموظفين من ناحية أخرى.
وشكّلت الورشة التثقيفية منصة مهمة لاستعراض جميع الشؤون المرتبطة بفرض الجزاء التأديبي، سواء من حيث تحديد مفهومه باعتباره جزاء من نوع خاص يصيب الموظف العام في مركزه الوظيفي بسبب ارتكابه مخالفة ذات طبيعة خاصة تتصل اتصالاً وثيقاً بالعمل الوظيفي، ويترتب عليه حرمانه من كل أو بعض امتيازات الوظيفة العامة أو الانتقاص منها، إلى جانب تحديد سمات الجزاء التأديبي وطبيعته القانونية وأساس سلطة جهة الإدارة في فرضه على الموظف المخالف، كما تم خلال هذه الورشة تسليط الضوء على أنواع الجزاءات التأديبية التي يجوز إيقاعها على الموظفين والسلطة التأديبية المختصة بفرض هذه الجزاءات، مع الوقوف على المبادئ الحاكمة لسلطة التأديب عند فرض الجزاء التأديبي، والضمانات المقررة للموظف العام المُحال إلى التأديب، سواء أكانت هذه الضمانات سابقة على إيقاع الجزاء التأديبي أو معاصرة له أو لاحقة على إيقاعه، واستمع الحضور كذلك إلى شروط صحة القرار الإداري الصادر بفرض الجزاء التأديبي سواء تعلقت هذه الشروط بسبب القرار التأديبي أو بشكله أو بمحله أو بالسلطة المختصة بإيقاعه أو بالغاية التي يجب على جهة الإدارة أن تتوخاها من فرضه.
وقال أحمد بن مسحار المهيري، الأمين العام لـ "اللجنة العليا للتشريعات في إمارة دبي": تعكس المشاركة الواسعة من قبل الجهات الحكومية الثقة العالية التي توليها حكومة دبي لـ "اللجنة العليا للتشريعات" باعتبارها الجهة الحكومية الرائدة في إثراء المعرفة القانونية الضامنة للتطبيق الأمثل للتشريعات السارية، وصولاً إلى حكومة شفافة وموثوقة واستباقية ومتميزة.
وأضاف: "يمثل التأديب في مجال الوظيفة العامة أداة قانونية لضمان التزام الموظف العام بالوفاء بالتزاماته المهنية والوظيفية ليكون نموذجاً يُحتذى به في الإخلاص والتفاني والتميز في العمل الحكومي. وأشار إلى أن عقد هذه الورشة يندرج في إطار جهود الأمانة العامة التوعوية الرامية إلى رفد الموظفين العاملين في الجهات الحكومية بالمعرفة القانونية التي تؤهلهم للارتقاء بالأداء الوظيفي والامتثال لأفضل الممارسات الحكومية، انسجاماً مع الرؤية الثاقبة والتوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في الاستثمار بالعنصر البشري انطلاقاً من أهمية بناء الإنسان كونه الأساس في بناء الأوطان."
ومن الجدير بالذكر أنه تم خلال الورشة استعراض النصوص القانونية المتعلقة بتأديب الموظفين العامين وفق ما ورد في التشريعات الناظمة لشؤون الوظيفة العامة في إمارة دبي، وفي مقدمتها قرار المجلس التنفيذي رقم (4) لسنة 2019 باعتماد نظام التأديب والتظلمات والشكاوى لموظفي حكومة دبي، مع تسليط الضوء على بعض الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الاتحادية العليا في مجال تأديب الموظفين وفرض الجزاءات التأديبية عليهم.